-A +A
رؤى صبري
في عام 2011 أعلنت المؤسسة العامة للخطوط الحديدية عن الانتهاء من دراسة جدوى أجرتها بالتعاون مع عدد من شركات وبيوت الخبرة المتخصصة، لإنشاء سكة حديد المنطقة الجنوبية، وبحسب التقرير الذي وزعته المؤسسة على عدد من وسائل الإعلام والتي نشرته في حينها تضمنت الدراسة وجود مسارين لخط حديد للمنطقة الجنوبية بكاملها، الأول «خاص بالطائف، خميس مشيط، أبها»، والثانى يربط «جدة بجازان».
ومع تحفظي على بعض الأرقام الواردة في الخبر المنشور في بعض الصحف المحلية حينذاك إلا أن الدراسة بحد ذاتها تعتبر خطوة أولى في الاتجاه الصحيح ولكنها ليست كافية إذا لم يلحقها متابعة حثيثة من الجهات ذات العلاقة بالدولة لإظهار قطار الجنوب بشكل عام وجازان بشكل خاص إلى حيز الوجود.

ربما يتساءل البعض لماذا ركزت على قطار جازان بشكل خاص؟ وسوف أرد على ذلك دون أي تردد بالقول «فعلت ذلك لخصوصية هذا الخط وجدواه الاقتصادية التي هي ربما غير منظورة للأغلبية رغم يقيني أنها واضحة وجلية بالنسبة لمتخذي القرار في المملكة»، إذ أن خصوصية قطار جازان تنبع من أن الحاجة لهذا الخط الحديدي تتعاظم يوماً بعد يوم لعدة أسباب يأتي على رأسها أهمية المنطقة السياحية والثقافية، وثقلها الاقتصادي والبشري والزراعي وباعتبارها منفذا إلى البلد الشقيق اليمن.
فمن الناحية الاقتصادية فإن مدينة جازان الاقتصادية التي من المتوقع أن تجذب أكثر من 100 مليار ريال من الاستثمارات الصناعية والتجارية والسكنية وتستقطب أكثر من 500 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، تتطلب الإسراع في تنفيذ المشروع وعدم التردد أو تأجيله، خصوصاً ونحن نعيش هذه الطفرة المالية غير المسبوقة في تاريخ المملكة، ونظراً لأن المدينة ستكون قاعدة رئيسية للصناعات السعودية الثقيلة والمتوسطة، وهذا المشروع لا أعتقد أن اثنين يختلفان حول حاجته إلى قطار نقل يستوعب هذا الحجم من الإنتاج وحركة النقل التي ستنشأ بين منطقة جازان وجدة ومنها إلى بقية المناطق، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن جازان بأوديتها الزراعية الخصبة مؤهلة لأن تلعب دوراً كبيراً في الإنتاج الزراعي لتغطية نسبة لا بأس بها من حاجة المملكة الغذائية وبالذات في الخضروات والفواكه، وهذا الإنتاج سيحتاج بالطبع إلى قطار سريع يعمل على اختصار الزمن وتقليل التكاليف في عملية تسويق المنتجات، وهذا بدوره ينسحب على التنمية السياحية في جازان التي تمتلك مقومات سياحية رائعة في الجزر والشواطئ والمناطق الجبلية وعلى ضفاف الأودية.
أما الجانب الأهم في حاجة جازان المتعاظمة للقطار فهو يتجسد في كون المشروع سيوقف إلى حد بعيد عملية استنزاف أرواح المسافرين على هذا الخط الدولي الهام حيث تتزايد الحوادث ومعها الخسائر الفادحة في الأرواح والممتلكات، وإخراج شباب بعمر الزهور من دائرة المشاركة في الإنتاج وبناء الوطن إلى دائرة العطالة والعجز حتى عن خدمة أنفسهم جراء الحوادث المؤسفة التي تقع لهم بشكل يومي، هذا جانب والجانب الآخر فإن هذا الخط سيكون له جدوى اقتصادية كبيرة في حركة النقل لأن سكان المنطقة لا يقلون عن مليوني نسمة ومعهم مليون مقيم يمني متواجدون في المملكة، وهذا يعني أن مستخدمي الخط لن يقل عن مليوني مسافر سنويا، هذا في حالة عدم الأخذ بالحسبان زيادة زوار المنطقة في حالة انتعاش السياحة بالمنطقة، كذلك سوف يفتح الخط آفاقاً أوسع للنقل البري للأفراد وزيادة التبادل التجاري بين المملكة والجمهورية اليمنية بسكانها الذين لا يقلون عن 25 مليون نسمة ويشكلون عملاء محتملين للبضائع والمنتجات السعودية التي سيعمل القطار بالتأكيد على تسهيل عملية نقلها وتسويقها بأقل التكاليف.